سورة الأعلى - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعلى)


        


{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)}
وفيه قراءتان: قراءة العامة بالتاء ويؤكده حرف أبي، أي بل أنتم تؤثرون عمل الدنيا على عمل الآخرة.
قال ابن مسعود: إن الدنيا أحضرت، وعجل لنا طعامها وشرابها ونساؤها ولذاتها وبهجتها، وإن الآخرة لغيب لنا وزويت عنا، فأخذنا بالعاجل وتركنا الآجل.
وقرأ أبو عمرو: يؤثرون بالياء يعني الأشقى. ثم قال تعالى:


{وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)}
وتمامه أن كل ما كان خيراً وأبقى فهو آثر، فيلزم أن تكون الآخرة آثر من الدنيا وهم كانوا يؤثرون الدنيا، وإنما قلنا: إن الآخرة خير لوجوه:
أحدها: أن الآخرة مشتملة على السعادة الجسمانية والروحانية، والدنيا ليست كذلك، فالآخرة خير من الدنيا.
وثانيها: أن الدنيا لذاتها مخلوطة بالآلام، والآخرة ليست كذلك.
وثالثها: أن الدنيا فانية، والآخرة باقية، والباقي خير من الفاني. ثم قال:


{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18)}
واختلفوا في المشار إليه بلفظ (هذا) منهم من قال: جميع السورة، وذلك لأن السورة مشتملة على التوحيد والنبوة والوعيد على الكفر بالله، والوعد على طاعة الله تعالى.
ومنهم من قال: بل المشار إليه بهذه الإشارة هو من قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى} [الأعلى: 14] إشارة إلى تطهير النفس عن كل ما لا ينبغي.
أما القوة النظرية فعن جميع العقائد الفاسدة، وأما في القوة العملية فعن جميع الأخلاق الذمية.
وأما قوله: {وَذَكَرَ اسم رَبّهِ} [الأعلى: 15] فهو إشارة إلى تكميل الروح بمعرفة الله تعالى، وأما قوله: {فصلى} [الأعلى: 15] فهو إشارة إلى تكميل الجوارح وتزيينها بطاعة الله تعالى.
وأما قوله: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الحياة الدنيا} [الأعلى: 16] فهو إشارة إلى الزجر عن الالتفات إلى الدنيا.
وأما قوله: {والآخرة خَيْرٌ وأبقى} [الأعلى: 17] فهو إشارة إلى الترغيب في الآخرة وفي ثواب الله تعالى، وهذه أمور لا يجوز أن تختلف باختلاف الشرائع، فلهذا السبب قال: {إِنَّ هذا لَفِى الصحف الأولى} وهذا الوجه كما تأكد بالعقل فالخبر يدل عليه، روى عن أبي ذر أنه قال: قلت هل في الدنيا مما في صحف إبراهيم وموسى؟ فقال: اقرأ يا أبا ذر {قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى} [الأعلى: 14] وقال آخرون: إن قوله (هذا) إشارة إلى قوله: {والآخرة خَيْرٌ وأبقى} وذلك لأن الإشارة راجعة إلى أقرب المذكورات وذلك هو هذه الآية، وأما قوله: {لَفِى الصحف الأولى} فهو نظير لقوله: {وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ الأولين} [الشعراء: 196] وقوله: {شَرَعَ لَكُم مّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً} [الشورى: 13].

1 | 2 | 3 | 4 | 5